آيات: 77 - 80 ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا، أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا، كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا، ونرثه ما يقول ويأتينا فردا )
قوله تعالى: « أفرأيت الذي كفر بآياتنا » روى الأئمة واللفظ لمسلم عن خباب قال كان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه فقال لي لن أقضيك حتى تكفر بمحمد قال: قلت له لن أكفر به حتى تموت ثم تبعث قال وإني لمبعوث من بعد الموت؟ ! فسوف أقضيك إذا رجعت إلى مال وولد. قال وكيع: كذا قال الأعمش؛ فنزلت هذه الآية: « أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا إلى قوله » ويأتينا فردا « في رواية قال كنت قينا في الجاهلية فعملت للعاص بن وائل عملا، فأتيته أتقاضاه خرجه البخاري أيضا وقال الكلبي ومقاتل: كان خباب قينا فصاغ للعاص حليا ثم تقاضاه أجرته فقال العاص ما عندي اليوم ما أقضيك فقال خباب لست بمفارقك حتى تقضيني فقال العاص يا خباب ما لك؟ ! ما كنت هكذا، وأن كنت لحسن الطلب. فقال خباب: إني كنت على دينك فأنا اليوم على دين الإسلام مفارق لدينك، قال أو لستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا؟ قال خباب: بلى قال فأخرني حتى أقضيك في الجنة - استهزاء فوالله لئن كان ما تقول حقا إني لأقضيك فيها، فو الله لا تكون أنت يا خباب وأصحابك أولى بها مني، فأنزل الله تعالى « أفرأيت الذي كفر بآياتنا » يعني العاص بن وائل الآيات » أطلع الغيب « قال ابن عباس: ( أنظر في اللوح المحفوظ ) ؟ ! وقال مجاهد: أعلم الغيب حتى يعلم أفي الجنة هو أم لا؟ ! » أم اتخذ عند الرحمن عهدا « قال قتادة والثوري أي عملا صالحا وقيل هو التوحيد وقيل هو من الوعد وقال الكلبي عاهد الله تعالى أن يدخله الجنة » كلا « رد عليه أي لم يكن ذلك لم يطلع الغيب ولم يتخذ عند الرحمن عهدا وتم الكلام عند قول » كلا « وقال الحسن إن الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة والأول أصح لأنه مدون في الصحاح وقرأ حمزة والكسائي » وولدا « بضم الواو، والباقون بفتحها. واختلف في الضم والفتح على وجهين: أحدهما: أنهما لغتان معناهما واحد يقال ولد وولد كما يقال عدم وعدم وقال الحرث بن حلزة: »
ولقد رأيت معاشرا قد ثمروا مالا وولدا
وقال آخر:
فليت فلانا كان في بطن أمه وليت فلانا كان ولد حمار
والثاني: أن قيسا تجعل الولد بالضم جمعا والولد بالفتح واحدا قال الماوردي وفي قوله تعالى « لأوتين مالا وولدا » وجهان أحدهما أنه أراد في الجنة استهزاء بما وعد الله تعالى على طاعته وعبادته؛ قاله الكلبي. الثاني: أنه أراد في الدنيا وهو قول الجمهور وفيه وجهان محتملان أحدهما إن أقمت على دين آبائي وعبادة آلهتي لأوتين مالا وولدا الثاني: ولو كنت على باطل لما أوتيت مالا وولدا.
قلت: قول الكلبي أشبه بظاهر الأحاديث بل نصها يدل على ذلك قال مسروق سمعت خباب بن الأرت يقول جئت العاصي بن وائل السهمي أتقاضاه حقا عنده فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد فقلت لا حتى تموت ثم تبعث قال وإني لميت ثم مبعوث ؟! فقلت نعم فقال إن لي هناك مالا وولدا فأقضيك فنزلت هذه الآية قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
قوله تعالى: « أطلع الغيب » ألفه ألف استفهام لمجيء « أم » بعدها ومعناه التوبيخ وأصله أأطلع فحذفت الألف الثانية لأنها ألف وصل فإن قيل فهلا أتوا بمدة بعد الألف فقالوا آطلع كما قالوا « الله خير » « آلذكرين حرم » قيل له كان الأصل في هذا « أألله » « أألذكرين » فأبدلوا من الألف الثانية مدة ليفرقوا بين الاستفهام والخبر وذلك أنهم لو قالوا الله خير بلا مد لالتبس الاستفهام بالخبر ولم يحتاجوا إلى هذه المدة في قوله « أطلع » لأن ألف الاستفهام مفتوحة وألف الخبر مكسورة وذلك أنك تقول في الاستفهام أطلع؟ أفترى؟ أصطفى؟ أستغفرت؟ بفتح الألف، وتقول في الخبر: إطلع، إفترى، إصطفى، إستغفرت لهم بالكسر، فجعلوا الفرق بالفتح والكسر ولم يحتاجوا إلى فرق آخر
قوله تعالى: « كلا » ليس في النصف الأول ذكر « كلا » وإنما جاء ذكره في النصف الثاني وهو يكون بمعنيين أحدهما بمعنى حقل والثاني بمعنى لا فإذا كانت بمعنى حقا جاز الوقف على ما قبله ثم تبتدئ « كلا » أي حقا وإذا كانت بمعنى لا كان الوقف على « كلا » جائز كما في هذه الآية لأن المعنى لا ليس الأم كذا ويجوز أن تقف عليه على قوله « عهدا » وتبتدئ « كلا » أي حقا « سنكتب ما يقول » وكذا قوله تعالى « لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا » [ المؤمنون: 100 ] يجوز الوقف على « كلا » وعلى « تركت » . وقوله « ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون قال كلا » الوقف على « كلا » لأن المعنى لا وليس الأمر كما تظن « فاذهبا » فليس للحق في هذا المعنى موضع وقال الفراء « كلا » بمنزلة سوف لأنها صلة وهي حرف رد فكأنها « نعم » و « لا » في الاكتفاء قال وإن جعلتها صلة لما بعدها لم تقف عليها كقولك: كلا ورب الكعبة؛ لا تقف على كلا لأنه بمنزلة إي ورب الكعبة قال الله تعالى « كلا والقمر » [ المدثر: 32 ] فالوقف على « كلا » قبيح لأنه صلة لليمين وكان أبو جعفر محمد بن سعدان يقول في « كلا » مثل قول الفراء وقال الأخفش معنى كلا الردع والزجر وقال أبو بكر بن الأنباري وسمعت أبا العباس يقول لا يوقف على « كلا » جميع القرآن لأنها جواب والفائدة تقع فيما بعدها والقول الأول هو قول أهل التفسير. « سنكتب ما يقول » أي سنحفظ عليه قوله فنجازيه به في الآخرة « ونمد له من العذاب مدا » أي سنزيده عذابا فوق عذاب « ونرثه ما يقول » أي نسلبه ما أعطيناه في الدنيا من مال وولد وقال ابن عباس وغيره ( نرثه المال والولد بعد إهلاكنا إياه ) وقيل نحرمه ما تمناه في الآخرة من مال وولد ونجعله لغيره من المسلمين « ويأتينا فردا » أي منفردا لا مال له ولا ولد ولا عشيرة تنصره
الآيتان: 81 - 82 ( واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا، كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا )
قوله تعالى: « واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا » يعني مشركي قريش و « عزا » معناه أعوانا ومنعة يعني أولادا والعز المطر الجود أيضا قاله الهروي وظاهر الكلام أن « عزا » راجع إلى الآلهة التي عبدوها من دون الله ووحد لأنه بمعنى المصدر أي لينالوا بها العز ويمتنعون بها من عذاب الله فقال الله تعالى ( كلا ) أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا بل يكفرون بعبادتهم أي ينكرون أنهم عبدوا الأصنام أو تجحد الآلهة عبادة المشركين لها كما قال: « تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون » [ القصص:63 ] وذلك أن الأصنام جمادات لا تعلم العبادة « ويكونون عليهم ضدا » أي أعوانا في خصومتهم وتكذيبهم عن مجاهد والضحاك يكونون لهم أعداء ابن زيد يكون عليهم بلاء فتحشر آلهتهم وتركب لهم عقول فتنطق وتقول: يا رب عذب هؤلاء الذين عبدونا من دونك و « كلا » هنا يحتمل أن تكون بمعنى لا ويحتمل أن تكون بمعنى حقا أي حقا « سيكفرون بعبادتهم » وقرأ أبو نهيك « كلا سيكفرون » بالتنوين. وروي عنه مع ذلك ضم الكاف وفتحها. قال المهدوي « كلا » ردع وزجر وتنبيه ورد لكلام متقدم، وقد تقع لتحقيق ما بعدها التنبيه عليه « كلا إن الإنسان ليطغى » [ العلق: 6 ] فلا يوقف عليها على هذا ويوقف في المعنى الأول فان صلح فيها المعنيان جميعا جاز الوقف عليها والابتداء بها. فمن نون ( كلا ) من قوله: « كلا سيكفرون بعبادتهم » مع فتح الكاف فهو مصدر كل ونصبه بفعل مضمر والمعنى كل هذا الرأي والاعتقاد كلا يعني اتخاذهم الآلهة « ليكونوا لهم عزا » فيوقف على هذا على « عزا » وعلى « كلا » وكذلك في قراءة الجماعة لأنها تصلح للرد لما قبلها والتحقيق لما بعدها ومن روى ضم الكاف مع التنوين فهو منصوب أيضا بفعل مضمر كأنه قال: سيكفرون « كلا سيكفرون بعبادتهم » يعني الآلهة.
قلت: فتحصل في « كلا » أربعة معان: التحقيق وهو أن تكون بمعنى حقا والنفي والتنبيه وصلة للقسم ولا يوقف منها إلا على الأول وقال الكسائي « لا » تنفي فحسب و « كلا » تنفي شيئا وتثبت شيئا فإذا قيل أكلت تمرا قلت كلا إني أكلت عسلا لا تمرا ففي هذه الكلمة نفي ما قبلها، وتحقق ما بعدها والضد يكون واحدا ويكون جمعا كالعدو والرسول وقيل وقع الضد موقع المصدر أي ويكونون عليهم عونا فلهذا لم يجمع وهذا في مقابلة قوله. « ليكونوا لهم عزا » والعز مصدر فكذلك ما وقع في مقابلته ثم قيل الآية في عبدة الأصنام فأجري الأصنام مجرى من يعقل جريا على توهم الكفرة وقيل فيمن عبد المسيح أو الملائكة أو الجن أو الشياطين فالله تعالى أعلم.
الآيات: 83 - 87 ( ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا، فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا، يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا، ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا، لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا )
قوله تعالى: « ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين » أي سلطانهم عليهم بالإغواء وذلك حين قال لإبليس « واستفزز من استطعت منهم بصوتك » [ الإسراء: 64 ] . وقيل « أرسلنا » أي خلينا يقال أرسلت البعير أي خليته، أي خلينا الشياطين وإياهم ولم نعصمهم من القبول منهم. الزجاج: قيضنا « تؤزهم أزا » قال ابن عباس: تزعجهم إزعاجا من الطاعة إلى المعصية وعنه تغريهم إغراء بالشر أمض أمض في هذا الأمر حتى توقعهم في النار حكى الأول الثعلبي والثاني الماوردي والمعنى واحد الضحاك تغويهم إغواء مجاهد تشليهم إشلاء وأصله الحركة والغليان، ومنه الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ( قام إلى الصلاة ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء ) وائتزت القدر ائتزازا اشتد غليانها والأز التهييج والأغراء قال الله تعالى « ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا » أي تغريهم على المعاصي والأز الاختلاط. وقد أززت الشيء أؤزه أزا أي ضممت بعضه إلى بعض قاله الجوهري. « فلا تعجل عليهم » أي تطلب العذاب لهم. « إنما نعد لهم عدا » قال الكلبي: آجالهم يعني الأيام والليالي والشهور والسنين إلى انتهاء أجل العذاب وقال الضحاك الأنفاس ابن عباس: ( أين نعد أنفاسهم في الدنيا كما نعد سنيهم ) وقيل الخطوات وقيل اللذات وقيل اللحظات وقيل الساعات وقال قطرب: نعد أعمالهم عدا وقيل لا تعجل عليهم فإنما نؤخرهم ليزدادوا إثما روي أن المأمون قرأ هذه السورة فمر بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء فأشار برأسه إلى ابن السماك أن يعظه فقال إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما أسرع ما تنفد وقيل في هذا المعنى:
حياتك أنفاس تعد فكلما مضى نفس منك انتقصت به جزءا
يميتك ما يحيك في ليلة ويحدوك حاد ما يريد به الهزءا
ويقال: إن أنفاس ابن آدم بين اليوم والليلة أربعة وعشرون ألف نفس اثنا عشر ألف نفس في اليوم واثنا عشر ألفا في الليلة والله أعلم فهي تعد وتحصى إحصاء ولها عدد معلوم وليس لها مدد فما أسرع ما تنفد.
قوله تعالى: « يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا » في الكلام حذف أي إلى جنة الرحمن، ودار كرامته. كقوله « إني ذاهب إلى ربي سيهدين » [ الصافات: 99 ] وكما في الخبر ( من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) والوفد اسم للوافدين كما يقال صوم وفطر وزور فهو جمع الوافد مثل ركب وراكب وصحب وصاحب وهو من وفد يفد وفدا ووفودا ووفادة إذا خرج إلى ملك أو أمر خطير. الجوهري: يقال وفد فلان على الأمير أي ورد رسولا فهو وافد، والجمع وفد مثل صاحب وصحب وجمع الوفد وفاد ووفود والاسم الوفادة وأوفدته أنا إلى الأمير أي أرسلته وفي التفسير « وفدا » أي ركبانا على نجائب طاعتهم وهذا لأن الوافد في الغالب يكون راكبا والوفد الركبان ووحد لأنه مصدر ابن جريج وفدا على النجائب وقال عمرو بن قيس الملائي إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله عمله في أحسن صورة وأطيب ريح فيقول هل تعرفني؟ فيقول لا إلا إن الله قد طيب ريحك وحسن صورتك فيقول كذلك كنت في الدنيا أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا اركبني اليوم وتلا « يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا » وإن الكافر يستقبله عمله في أقبح صورة وأنتن ريح فيقول هل تعرفني فيقول لا إلا إن الله قد قبح صورتك وأنتن ريحك فيقول: كذلك كنت في الدنيا أنا عملك السيء طالما ركبتني في الدنيا وأنا اليوم أركبك وتلا « وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم » [ الأنعام: 31 ] ولا يصح من قبل إسناده قاله ابن العربي في « سراج المريدين » وذكر هذا الخبر في تفسيره أبو نصر عبدالرحيم بن عبدالكريم القشيري عن ابن عباس بلفظه ومعنا وقال أيضا عن ابن عباس من كان يحب الخيل وفد إلى الله تعالى على خيل لا تروث ولا تبول لجمها من الياقوت الأحمر ومن الزبرجد الأخضر ومن الدر الأبيض وسروجها من السندس والإستبرق ومن كان يحب ركوب الإبل فعلى نجائب لا تبعر ولا تبول أزمتها من الياقوت والزبرجد ومن كان يحب ركوب السفن فعلى سفن من ياقوت قد أمنوا الغرق وأمنوا الأهوال وقال أيضا عن علي رضي الله عنه ولما نزلت الآية قال علي رضي الله عنه يا رسول الله! إني قد رأيت الملوك ووفودهم فلم أر وفدا إلا ركبانا فما وفد الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أما إنهم يحشرون على أقدامهم ولا يساقون سوقا ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة لم ينظر الخلائق إلى مثلها رحالها الذهب وزمامها الزبرجد فيركبون حتى يقرعوا باب الجنة ) ولفظ الثعلبي في هذا الخبر عن علي أبين وقال علي لما نزلت هذه الآية قلت: يا رسول الله! إني رأيت الملوك ووفودهم فلم أر وفدا إلا ركبانا قال ( يا علي إذا كان المنصرف من ببن يدي الله تعالى تلقت الملائكة المؤمنين بنوق بيض رحالها وأزمتها الذهب على كل مركب حلة لا تساويها الدنيا فيلبس كل مؤمن حلة ثم تسير بهم مراكبهم فتهوي بهم النوق حتى تنتهي بهم إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة « سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين » [ الزمر: 73 ]
قلت: وهذا الخبر ينص على أنهم لا يركبون ولا يلبسون إلا من الموقف وأما إذا خرجوا من القبور فمشاة حفاة عراة غرلا إلى الموقف بدليل حديث ابن عباس قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال ( يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله تعالى حفاة عراة غرلا ) الحديث خرجه البخاري ومسلم وسيأتي بكماله في سورة « المؤمنين » إن شاء الله تعالى وتقدم في « آل عمران » من حديث عبدالله بن أنيس بمعناه والحمد لله تعالى ولا يبعد أن تحصل الحالتان للسعداء فيكون حديث ابن عباس مخصوصا والله أعلم وقال أبو هريرة « وفدا » على الإبل ابن عباس ( ركبانا يؤتون بنوق من الجنة عليها رحائل من الذهب وسروجها وأزمتها من الزبرجد فيحشرون عليها ) وقال علي ( ما يحشرون والله على أرجلهم ولكن على نوق رحالها من ذهب ونجب سروجها يواقيت إن هموا بها سارت وإن حركوها طارت ) وقيل يفدون على ما يحبون من إبل أو خيل أو سفن على ما تقدم عن ابن عباس والله أعلم وقيل إنما قال « وفدا » لأن من شأن الوفود عند العرب أن يقدموا بالبشارات وينتظرون الجوائز فالمتقون ينتظرون العطاء والثواب. « ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا » السوق الحث على السير، و « وردا » عطاشا قال ابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهما والحسن والأخفش والفراء وابن الأعرابي: حفاة مشاة وقيل: أفواجا وقال الأزهري أي مشاة عطاشا كالإبل ترد الماء فيقال جاء ورد بني فلان القشيري وقوله ( وردا ) يدل على العطش لأن الماء إنما يورد في الغالب للعطش وفي « التفسير » مشاة عطاشا تتقطع أعناقهم من العطش وإذا كان سوق المجرمين إلى النار فحشر المتقين إلى الجنة. وقيل « وردا » أي الورود كقولك جئتك إكراما لك أي لإكرامك أي نسوقهم لورود النار.
قلت ولا تناقض بين هذه الأقوال فيساقون عطاشا حفاة مشاة أفواجا قال ابن عرفة الورد القوم يردون الماء، فسمي العطاش وردا لطلبهم ورود الماء كما تقول قوم صوم أي صيام وقوم زور أي زوار فهو اسم على لفظ المصدر واحدهم وارد والورد أيضا الجماعة التي ترد الماء من طير وإبل والورد الماء الذي يورد وهذا من باب الإيماء بالشيء إلى الشيء الورد الجزء [ من القرآن ] يقال قرأت وردي والورد يوم الحمى إذا أخذت صاحبها لوقت فظاهرة لفظ مشترك وقال الشاعر يصف قليبا
يطمو إذا الورد عليه التكا
أي الوراد الذين يريدون الماء
قوله تعالى: « لا يملكون الشفاعة » أي هؤلاء الكفار لا يملكون الشفاعة لأحد « إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا » وهم المسلمون فيملكون الشفاعة فهو استثناء الشيء من غير جنسه أي لكن « من اتخذ عند الرحمن عهدا » يشفع فـ « من » في موضع نصب على هذا وقيل هو في موضع رفع على البدل من الواو في « يملكون » أي لا يملك أحد عند الله الشفاعة « إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا » فإنه يملك وعلى هذا يكون الاستثناء متصلا. و « المجرمين » في قول « ونسوق الجرمين إلى جهنم وردا » الكفرة والعصاة ثم أخبر أنهم لا يملكون الشفاعة إلا العصاة المؤمنون فانهم يملكونها بأن يشفع فيهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا أزال أشفع حتى أقول يا رب شفعني فيمن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فيقول يا محمد إنها ليست لك ولكنها لي ) خرجه مسلم بمعناه. وقد تقدم وتظاهرت الأخبار بأن أهل الفضل والعلم والصلاح يشفعون فيشفعون؛ وعلى القول الأول يكون الكلام متصلا بقوله. « واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا » فلا تقبل غدا شفاعة عبدة الأصنام لأحد، ولا شفاعة الأصنام لأحد، ولا يملكون شفاعة أحد لهم أي لا تنفعهم شفاعة كما قال فما تنفعهم شفاعة الشافعين « وقيل: أي نحشر المتقين والمجرمين لا يملك أحدا شفاعة « إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا » أي إذا أذن له الله في الشفاعة. كما قال: » من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه « [ البقرة:255 ] وهذا العهد هو الذي قال » أم اتخذ عند الرحمن عهدا « وهو لفظ جامع للإيمان وجميع الصالحات التي يصل بها صاحبها إلى حيز من يشفع وقال ابن عباس العهد لا إله إلا الله وقال مقاتل وابن عباس أيضا لا يشفع إلا من شهد أن لا إله إلا الله وتبرأ من الحول والقوة [ إلا ] لله ولا يرجو إلا الله تعالى. وقال ابن مسعود سمعت رسول الله يقول لأصحابه ( أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا ) قيل يا رسول الله وما ذاك؟ قال ( يقول عند كل صباح ومساء اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أعهد إليك في هذه الحياة بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك ( فلا تكلني إلى نفسي ) فإنك إن تكلني إلى نفسي تباعدني من الخير وتقربني من الشر وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد فإذا قال ذلك طبع الله عليها طابعا ووضعها تحت العرش فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين عند الله عهد فيقوم فيدخل الجنة ) .»
الآيات: 88 - 95 ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا، لقد جئتم شيئا إدا، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، أن دعوا للرحمن ولدا، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا، إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا، لقد أحصاهم وعدهم عدا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا )
قوله تعالى: « وقالوا اتخذ الرحمن ولدا » يعني اليهود والنصارى، ومن زعم أن الملائكة بنات الله. وقرأ يحيى وحمزة والكسائي وعاصم وخلف: « ولدا » بضم الواو وإسكان اللام، في أربعة مواضع: من هذه السورة قوله تعالى: لأتين مالا وولدا « [ مريم: 77 ] وقد تقدم قوله وقوله: » أن دعوا للرحمن ولدا. وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا « . وفي سورة نوح » ماله وولده « [ نوح: 21 ] ووافقهم في » نوح « خاصة ابن كثير ومجاهد وحميد وأبو عمرو ويعقوب. والباقون في الكل بالفتح في الواو واللام وهما لغتان مثل والعرب والعرب والعجم والعجم قال: »
ولقد رأيت معاشرا قد ثمروا مالا وولدا
وقال آخر
وليت فلانا كان في بطن أمه وليت فلانا كان ولد حمار
وقال في معنى ذلك النابغة:
مهلا فداء لك الأقوام كلهم وما أثمر من مال ومن ولد
ففتح. وقيس يجعلون الولد بالضم جمعا والولد بالفتح واحد قال الجوهري الولد قد يكون واحدا وجمعا وكذلك الولد بالضم ومن أمثال بني أسد ولدك من دمى عقبيك وقد يكون الولد جمع الولد مثل أسد وأسد والولد بالكسر لغة في الولد النحاس وفرق أبو عبيدة بينهما فزعم أن الولد يكون للأهل والولد جميعا قال أبو جعفر وهذا قول مردود لا يعرفه أحد من أهل اللغة ولا يكون الولد والولد إلا ولد الرجل، وولد ولده، إلا أن ولدا أكثر في كلام العرب؛ كما قال:
مهلا فداء لك الأقوام كلهم وما أثمر ما من مال ومن ولد
قال أبو جعفر وسمعت محمد بن الوليد يقول: يجوز أن يكون ولد جمع ولد كما يقال وثن ووثن وأسد وأسد، ويجوز أن يكون ولد وولد بمعنى واحد كما يقال عجم وعجم وعرب وعرب كما تقدم.
قوله تعالى: « لقد جئتم شيئا إدا » أي منكرا عظيما؛ عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما. قال الجوهري: الإد والإدة الداهية والأمر الفظيع ومنه قوله تعالى « لقد جئتم شيئا إدا » وكذلك الآد مثل فاعل. وجمع الإدة إدد. وأدت فلانا داهية تؤده أدا ( بالفتح ) . والإد أيضا الشدة. [ والأد الغلبة والقوة ] قال الراجز:
نضون عني شدة وأدا من بعد ما كنت صملا جلدا
انتهى كلامه. وقرأ أبو عبدالله وأبو عبدالرحمن السلمي « أدا » بفتح الهمزة النحاس يقال أد يؤد أدا فهو آد والاسم الإد؛ إذا جاء بشيء عظيم منكر وقال الراجز
قد لقي الأقران مني نكرا داهية دهياء إدا إمرا
عن غير النحاس الثعلبي وفيه ثلاث لغات « إدا » بالكسر وهي قراءة العامة « وأدا » بالفتح وهى قراءة السلمي و « آد » مثل ماد وهي لغة لبعض العرب رويت عن ابن عباس وأبي العالية؛ وكأنها مأخوذة من الثقل [ يقال ] : آده الحمل يؤوده أودا أثقله.
قوله تعالى: « تكاد السماوات » قراءة العامة هنا وفي « الشورى » بالتاء. وقراءة نافع ويحي والكسائي « يكاد » بالياء لتقدم الفعل. « يتفطرن منه » أي يتشققن وقرأ نافع وابن كثير وحفص وغيرهم بتاء بعد الياء وشد الطاء من هنا وفي « الشورى » ووافقهم حمزة وابن عامر في « الشورى » وقرأ هنا « ينفطرن » من الانفطار وكذلك قرأها أبو عمرو وأبو بكر والمفضل في السورتين. وهي اختيار أبي عبيد تعالى « إذا السماء انفطرت » [ الإنفطار:1 ] وقوله: « السماء منفطر به » [ المزمل:18 ] وقوله: « وتنشق الأرض » أي تتصدع « وتخر الجبال هدا » قال ابن عباس: ( هدما أي تسقط بصوت شديد ) وفي الحديث ( اللهم إني أعوذ بك من الهد والهدة ) قال شمر قال أحسد بن غياث المروزي الهد الهدم والهدة الخسوف. وقال الليث هو الهدم الشديد كحائط يهد بمرة يقال هدني الأمر وهد ركني أي كسرني وبلغ مني قاله الهوري الجوهري وهد البناء يهده هدا كسره وضعفه وهدته المصيبة أي أو هنت ركنه وانهد الجبل انكسر. الأصمعي: والهد الرجل الضعيف يقول الرجل للرجل إذا أوعده إني لغير هد أي غير ضعيف وقال ابن الأعرابي: الهد من الرجال الجواد الكريم وأما الجبان الضعيف فهو الهد بالكسر وأنشد:
ليسوا بهدين في الحروب إذا تعقد فوق الحراقف النطق
والهدة صوت وقع الحائط ونحوه تقول هديه ( بالكسر ) هديدا والهاد صوت يسمعه أهل الساحل يأتيهم من قبل البحر له دوي الأرض وربما كانت منه الزلزلة ودويه هديه النحاس « هدا » مصدر لأن معنى « تخر » تهد وقال غيره حال أي مهدودة: « أن دعوا للرحمن ولدا » « أن » في موضع نصب عند الفراء لأن دعوا ومن أن دعوا فموضع « أن » نصب بسقوط الخافض وزعم الفراء أن الكسائي قال هي في موضع خفض بتقدير الخافض وذكر ابن المبارك: حدثنا عن واصل عن عون بن عبدالله قال قال عبدالله بن مسعود: إن الجبل ليقول للجبل يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر لله؟ فإن قال نعم سربه ثم قرأ عبدالله « وقالوا اتخذ الرحمن ولدا » الآية قال أفتراهن يسمعن الزور ولا يسمعن الخير؟! قال وحدثني عوف عن غالب بن عجرد قال حدثني رجل من أهل الشام في مسجد منى قال إن الله تعالى لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر لم تك في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة وكان لهم منها منفعة، فلم تزل الأرض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم تلك الكلمة العظيمة قولهم « اتخذ الرحمن ولدا » فلما قالوها اقشعر الأرض وشاك الشجر وقال ابن عباس اقشعرت الجبال وما فيها من الأشجار والبحار وما فيها من الحيتان فصار من ذلك الشوك في الحيتان وفي الأشجار الشوك وقال ابن عباس أيضا وكعب فزعت السموات والأرض والجبال وجميع المخلوقات إلا الثقلين وكادت أن تزول وغضبت الملائكة فاستعرت جهنم وشاك الشجر واكفهرت الأرض وجدبت حين قالوا « اتخذ الله ولدا » وقال محمد بن كعب لقد كاد أعداء الله أن يقيموا علينا الساعة لقوله تعالى « تكاد لسموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا » قال ابن العربي وصدق فإنه قول عظيم سبق به القضاء والقدر ولولا الباري تبارك وتعالى لا يضعه كفر الكافر ولا يرفعه إيمان المؤمن ولا يزيد هذا في ملكه كما لا ينقص ذلك من ملكه لما جرى شيء من هذا على الألسنة ولكنه القدوس الحكيم الحليم فلم يبال بعد ذلك بما يقول المبطلون
قوله تعالى: « وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا » نفى عن نفسه سبحانه وتعالى الولد لأن الولد يقتضي الجنسية والحدوث على ما بيناه في « البقرة » أي لا يليق به ذلك ولا يوصف به ولا يجوز في حقه لأنه لا يكون ولد إلا من والد يكون له والد وأصل والله سبحانه يتعالى عن ذلك ويتقدس قال
في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة ما ينبغي دونها سهل ولا جبل
« إن كل من في السماوات والأرض » « إن » نافية بمعنى ما أي ما كل من في السموات والأرض إلا وهو يأتي يوم القيامة مقرا له بالعبودية خاضعا ذليلا كما قال « و كل أتوه داخرين » [ النمل: 87 ] أي صاغرين أذلاء أي الخلق كلهم عبيده فكيف يكون واحد منهم ولدا له عز وجل تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا و « آتي » بالياء في الخط والأصل التنوين فحذف استخفافا وأضيف.
وفي هذه الآية دليل على أنه لا يجوز أن يكون الولد مملوكا للوالد خلافا لمن قال إنه يشتريه فيملكه ولا يعتق عليه إلا إذا أعتقه وقد أبان الله تعالى المنافاة بين الأولاد والملك فإذا ملك الوالد ولده بنوع من التصرفات عتق عليه ووجه الدليل عليه من هذه الآية أن الله تعالى جعل الولدية والعبدية في طرفي تقابل فنفى أحدهما وأثبت الآخر ولو اجتمعا لما كان لهذا القول فائدة يقع الاحتجاج بها وفي الحديث الصحيح ( لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ) أخرجه مسلم فإذا لم يملك الأب ابنه مع مرتبته عليه فالابن بعدم ملك الأب أولى لقصوره عنه.
ذهب إسحاق بن راهويه في تأويل قول عليه الصلاة والسلام ( من أعتق شركا له في عبد ) أن المراد به ذكور العبيد دون إناثهم فلا يكمل على من أعتق شركا في أنثى وهو على خلاف ما ذهب إليه الجمهور من السلف ومن بعدهم فإنهم لم يفرقوا بين الذكر والأنثى لأن لفظ العبد يراد به الجنس كما قال تعالى « إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا » فإنه قد يتناول الذكر والأنثى من العبد قطعا، وتمسك إسحاق بأنه حكى عبدة في المؤنث
روى البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يقول الله تبارك وتعالى كذبني بن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقول ليس يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقول اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن لي كفوا أحد ) وقد تقدم في « البقرة » وغيرها وإعادته في مثل هذا الموضع حسن جدا.
قوله تعالى: « لقد أحصاهم » أي علم عددهم « وعدهم عدا » تأكيد أي فلا يخفى عليه أحد منهم.
قلت ووقع لنا في أسمائه سبحانه المحصي أعني في السنة من حديث أبي هريرة خرجه الترمذي. واشتقاق هذا الفعل يدل عليه وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني ومنها المحصي ويختص بأنه لا تشغله الكثرة عن العلم مثل ضوء النور واشتداد الريح وتساقط الأوراق فيعلم عند ذلك أجزاء الحركات في رقة وكيف لا يعلم وهو الذي يخلق وقد قال « ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير » ووقع في تفسير ابن عباس أن معنى « لقد أحصاهم وعدهم عدا » يريد أقروا له بالعبودية وشهدوا له بالربوبية.
قوله تعالى: « وكلهم آتيه يوم القيامة فردا » أي واحدا لانا صر له ولا مال معه ينفعه كما قال تعالى « يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم » فلا ينفعه إلا ما قدم من عمل وقال « وكلهم آتيه » على لفظ وعلى المعنى آتوه وقال القشيري وفيه إشارة إلى أنكم لا ترضون لأنفسكم باستعباد أولادكم والكل عبيده فكيف رضيتم له مالا ترضون لأنفسكم وقد رد عليهم في مثل هذا في أنهم لا يرضون لأنفسهم بالبنات ويقولون الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك وقولهم الأصنام الله وقال « فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم » [ الأنعام: 136 ] .