منتدى نور الحق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى نور الحق

نور الهدايه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله علبه مسلم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
تفسير القران فصص الانباء والرسل عظماء فى الاسلام اسلاميات

 

 تفسير القرطبي سورة البقرة من 225 الي 230

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نور الحق مدير المنتدى

نور الحق مدير المنتدى


عدد المساهمات : 878
نقاط : 2639
تاريخ التسجيل : 15/04/2012
الموقع : نور الحق

تفسير القرطبي سورة البقرة من 225 الي 230 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير القرطبي سورة البقرة من 225 الي 230   تفسير القرطبي سورة البقرة من 225 الي 230 Icon_minitimeالأحد مايو 06, 2012 11:38 pm

لآية: 225 ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم )

قوله تعالى: « باللغو » اللغو: مصدر لغا يلغو ويلغى، ولغي يلغى لغا إذا أتى بما لا يحتاج إليه في الكلام، أو بما لا خير فيه، أو بما يلغى إثمه، وفي الحديث: ( إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت ) . ولغة أبي هريرة « فقد لغيت » وقال الشاعر:
ورب أسراب حجيج كظم عن اللغا ورفث التكلم
وقال آخر:
ولست بمأخوذ بلغو تقوله إذا لم تعمد عاقدات العزائم

واختلف العلماء في اليمين التي هي لغو، فقال ابن عباس: ( هو قول الرجل في درج كلامه واستعجاله في المحاورة: لا والله، وبلى والله، دون قصد لليمين ) . قال المروزي: لغو اليمين التي اتفق العلماء على أنها لغو هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله، في حديثه وكلامه غير معتقد لليمين ولا مريدها. وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أن عروة حدثه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( أيمان اللغو ما كانت في المراء والهزل والمزاحة والحديث الذي لا ينعقد عليه القلب ) . وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزل قوله تعالى: ( « لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم » في قول الرجل: لا والله، وبلى والله ) . وقيل: اللغو ما يحلف به على الظن، فيكون بخلافه، قاله مالك، حكاه ابن القاسم عنه، وقال به جماعة من السلف. قال أبو هريرة: ( إذا حلف الرجل على الشيء لا يظن إلا أنه إياه، فإذا ليس هو، فهو اللغو، وليس فيه كفارة ) ، ونحوه عن ابن عباس. وروي: أن قوما تراجعوا القول عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يرمون بحضرته، فحلف أحدهم لقد أصبت وأخطأت يا فلان، فإذا الأمر بخلاف ذلك، فقال الرجل: حنث يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أيمان الرماة لغو لا حنث فيها ولا كفارة ) . وفي الموطأ قال مالك: أحسن ما سمعت في هذا أن اللغو حلف الإنسان على الشيء يستيقن أنه كذلك ثم يوجد بخلافه، فلا كفارة فيه. والذي يحلف على الشيء وهو يعلم أن فيه آثم كاذب ليرضي به أحدا، أو يعتذر لمخلوق، أو يقتطع به مالا، فهذا أعظم من أن يكون فيه كفارة، وإنما الكفارة على من حلف ألا يفعل الشيء المباح له فعله ثم يفعله، أو أن يفعله ثم لا يفعله، مثل إن حلف ألا يبيع ثوبه بعشرة دراهم ثم يبيعه بمثل ذلك، أو حلف ليضربن غلامه ثم لا يضربه. وروى عن ابن عباس - إن صح عنه - قال: ( لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان ) ، وقاله طاوس. وروى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يمين في غضب ) أخرجه مسلم. وقال سعيد بن جبير: هو تحريم الحلال، فيقول: مالي علي حرام إن فعلت كذا، والحلال علي حرام، وقاله مكحول الدمشقي، ومالك أيضا، إلا في الزوجة فإنه ألزم فيها التحريم إلا أن يخرجها الحالف بقلبه. وقيل: هو يمين المعصية، قاله سعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبدالرحمن وعروة وعبدالله ابنا الزبير، كالذي يقسم ليشربن الخمر أو ليقطعن الرحم فبره ترك ذلك الفعل ولا كفارة عليه، وحجتهم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليتركها فإن تركها كفارتها ) أخرجه ابن ماجة في سننه، وسيأتي في « المائدة » أيضا. وقال زيد بن أسلم لغو اليمين دعاء الرجل على نفسه: أعمى الله بصره، أذهب الله ماله، هو يهودي، هو مشرك، هو لغية إن فعل كذا. مجاهد: هما الرجلان يتبايعان فيقول أحدهما: والله لا أبيعك بكذا، ويقول الآخر، والله لا أشتريه بكذا. النخعي: هو الرجل يحلف ألا يفعل الشيء ثم ينسى فيفعله. وقال ابن عباس أيضا والضحاك: ( إن لغو اليمين هي المكفرة، أي إذا كفرت اليمين سقطت وصارت لغوا، ولا يؤاخذ الله بتكفيرها والرجوع إلى الذي هو خير ) . وحكى ابن عبدالبر قولا: أن اللغو أيمان المكره. قال ابن العربي: أما اليمين مع النسيان فلا شك في إلغائها. لأنها جاءت على خلاف قصده، فهي لغو محض.
قلت: ويمين المكره بمثابتها. وسيأتي حكم من حلف مكرها في « النحل » إن شاء الله تعالى. قال ابن العربي: وأما من قال إنه يمين المعصية فباطل، لأن الحالف على ترك المعصية تنعقد يمينه عبادة، والحالف على فعل المعصية تنعقد يمينه معصية، ويقال له: لا تفعل وكفر، فإن أقدم على الفعل أثم في إقدامه وبر في قسمه. وأما من قال: إنه دعاء الإنسان على نفسه إن لم يكن كذا فينزل به كذا، فهو قول لغو، في طريق الكفارة، ولكنه منعقد في القصد، مكروه، وربما يؤاخذ به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدعون أحدكم على نفسه فربما صادف ساعة لا يسأل الله أحد فيها شيئا إلا أعطاه إياه ) . وأما من قال إنه يمين الغضب فإنه يرده حلف النبي صلى الله عليه وسلم غاضبا ألا يحمل الأشعريين وحملهم وكفر عن يمينه. وسيأتي في « براءة » . قال ابن العربي: وأما من قال: إنه اليمين المكفرة فلا متعلق له يحكى. وضعفه ابن عطية أيضا وقال: قد رفع الله عز وجل المؤاخذة بالإطلاق في اللغو، فحقيقتها لا إثم فيه ولا كفارة، والمؤاخذة في الأيمان هي بعقوبة الآخرة في اليمين الغموس المصبورة، وفيما ترك تكفيره مما فيه كفارة، وبعقوبة الدنيا في إلزام الكفارة، فيضعف القول بأنها اليمين المكفرة، لأن المؤاخذة قد وقعت فيها، وتخصيص المؤاخذة بأنها في الآخرة فقط تحكم.

قوله تعالى: « في أيمانكم » الأيمان جمع يمين، واليمين الحلف، وأصله أن العرب كانت إذا تحالفت أو تعاقدت أخذ الرجل يمين صاحبه بيمينه، ثم كثر ذلك حتى سمي الحلف والعهد نفسه يمينا. وقيل: يمين فعيل من اليمن، وهو البركة، سماها الله تعالى بذلك لأنها تحفظ الحقوق. ويمين تذكر وتؤنث، وتجمع أيمان وأيمن، قال زهير:
فتجمع أيمن منا ومنكم

قوله تعالى: « ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم » مثل قوله: « ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان » [ المائدة: 89 ] . وهناك يأتي الكلام فيه مستوفى، إن شاء الله تعالى. وقال زيد بن أسلم: قوله تعالى: « ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم » هو في الرجل يقول: هو مشرك إن فعل، أي هذا اللغو، إلا أن يعقد الإشراك بقلبه ويكسبه. و « غفور حليم » صفتان لائقتان بما ذكر من طرح المؤاخذة، إذ هو باب رفق وتوسعة.

الآيتان: 226 - 227 ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم )

قوله تعالى: « للذين يؤلون » « يؤلون » معناه يحلفون، والمصدر إيلاء وألية وألوة وإلوة. وقرأ أبي وابن عباس « للذين يقسمون » . ومعلوم أن « يقسمون » تفسير « يؤلون » . وقرئ « للذين آلوا » يقال: آلى يؤلي إيلاء، وتألى تأليا، وائتلى ائتلاء، أي حلف، ومنه « ولا يأتل أولو الفضل منكم » ، وقال الشاعر:
فآليت لا أنفك أحدو قصيدة تكون وإياها بها مثلا بعدي
وقال آخر:
قليل الألايا حافظ ليمينه وإن سبقت منه الألية برت
وقال ابن دريد:
ألية باليعملات يرتمي بها النجاء بين أجواز الفلا
قال عبدالله بن عباس: كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك، يقصدون بذلك إيذاء المرأة عند المساءة، فوقت لهم أربعة أشهر، فمن آلى بأقل من ذلك فليس بإيلاء حكمي.
قلت: وقد آلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلق، وسبب إيلائه سؤال نسائه إياه من النفقة ما ليس عنده، كذا في صحيح مسلم. وقيل: لأن زينب ردت عليه هديته، فغضب صلى الله عليه وسلم فآلى منهن، ذكره ابن ماجة.

ويلزم الإيلاء كل من يلزمه الطلاق، فالحر والعبد والسكران يلزمه الإيلاء. وكذلك السفيه والمولى عليه إذا كان بالغا غير مجنون، وكذلك الخصي إذا لم يكن مجبوبا، والشيخ إذا كان فيه بقية رمق ونشاط. واختلف قول الشافعي في المجبوب إذا آلى، ففي قول: لا إيلاء له. وفي قول: يصح إيلاؤه، والأول أصح وأقرب إلى الكتاب والسنة، فإن الفيء هو الذي يسقط اليمين، والفيء بالقول لا يسقطها، فإذا بقيت اليمين المانعة من الحنث بقي حكم الإيلاء. وإيلاء الأخرس بما يفهم عنه من كتابة أو إشارة مفهومة لازم له، وكذلك الأعجمي إذا آلى من نسائه.

واختلف العلماء فيما يقع به الإيلاء من اليمين، فقال قوم: لا يقع الإيلاء إلا باليمين بالله تعالى وحده لقوله عليه السلام: ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) . وبه قال الشافعي في الجديد. وقال ابن عباس: ( كل يمين منعت جماعا فهي إيلاء ) ، وبه قال الشعبي والنخعي ومالك وأهل الحجاز وسفيان الثوري وأهل العراق، والشافعي في القول الآخر، وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر والقاضي أبو بكر بن العربي. قال ابن عبدالبر: وكل يمين لا يقدر صاحبها على جماع امرأته من أجلها إلا بأن يحنث فهو بها مول، إذا كانت يمينه على أكثر من أربعة أشهر، فكل من حلف بالله أو بصفة من صفاته أو قال: أقسم بالله، أو أشهد بالله، أو علي عهد الله وكفالته وميثاقه وذمته فإنه يلزمه الإيلاء. فإن قال: أقسم أو أعزم ولم يذكر بـ « الله » فقيل: لا يدخل عليه الإيلاء، إلا أن يكون أراد بـ « الله » ونواه. ومن قال إنه يمين يدخل عليه، وسيأتي بيانه في « المائدة » إن شاء الله تعالى. فإن حلف بالصيام ألا يطأ امرأته فقال: إن وطئتك فعلي صيام شهر أو سنة فهو مول. وكذلك كل ما يلزمه من حج أو طلاق أو عتق أو صلاة أو صدقة. والأصل في هذه الجملة عموم قوله تعالى: « للذين يؤلون » ولم يفرق، فإذا آلى بصدقة أو عتق عبد معين أو غير معين لزم الإيلاء.

فإن حلف بالله ألا يطأ واستثنى فقال: إن شاء الله فإنه يكون موليا، فإن وطئها فلا كفارة عليه في رواية ابن القاسم عن مالك. وقال ابن الماجشون في المبسوط: ليس بمول، وهو أصح لأن الاستثناء يحل اليمين ويجعل الحالف كأنه لم يحلف، وهو مذهب فقهاء الأمصار، لأنه بين بالاستثناء أنه غير عازم على الفعل. ووجه ما رواه ابن القاسم مبني على أن الاستثناء لا يحل اليمين، ولكنه يؤثر في إسقاط الكفارة، على ما يأتي بيانه في « المائدة » فلما كانت يمينه باقية منعقدة لزمه حكم الإيلاء وإن لم تجب عليه كفارة. فإن حلف بالنبي أو الملائكة أو الكعبة ألا يطأها، أو قال هو يهودي أو نصراني أو زان إن وطئها، فهذا ليس بمول، قاله مالك وغيره. قال الباجي: ومعنى ذلك عندي أنه أورده على غير وجه القسم، وأما لو أورده على أنه مول بما قاله من ذلك أو غيره، ففي المبسوط: أن ابن القاسم سئل عن الرجل يقول لامرأته: لا مرحبا، يريد بذلك الإيلاء يكون موليا، قال: قال مالك: كل كلام نوي به الطلاق فهو طلاق، وهذا والطلاق سواء.

واختلف العلماء في الإيلاء المذكور في القرآن، فقال ابن عباس: ( لا يكون موليا حتى يحلف ألا يمسها أبدا ) . وقال طائفة: إذا حلف ألا يقرب امرأته يوما أو أقل أو أكثر ثم لم يطأ أربعة أشهر بانت منه بالإيلاء، روي هذا عن ابن مسعود والنخعي وابن أبي ليلى والحكم وحماد بن أبي سليمان وقتادة، وبه قال إسحاق. قال ابن المنذر: وأنكر هذا القول كثير من أهل العلم. وقال الجمهور: الإيلاء هو أن يحلف ألا يطأ أكثر من أربعة أشهر، فان حلف على أربعة فما دونها لا يكون موليا، وكانت عندهم يمينا محضا، لو وطئ في هذه المدة لم يكن عليه شيء كسائر الأيمان، هذا قول مالك والشافعي وأحمد وأبي ثور. وقال الثوري والكوفيون: الإيلاء أن يحلف على أربعة أشهر فصاعدا، وهو قول عطاء. قال الكوفيون: جعل الله التربص في الإيلاء أربعة أشهر كما جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا، وفي العدة ثلاثة قروء، فلا تربص بعد. قالوا: فيجب بعد المدة سقوط الإيلاء، ولا يسقط إلا بالفيء وهو الجماع في داخل المدة، والطلاق بعد انقضاء الأربعة الأشهر. واحتج مالك والشافعي فقالا: جعل الله للمولي أربعة أشهر، فهي له بكمالها لا اعتراض لزوجته عليه فيها، كما أن الدين المؤجل لا يستحق صاحبه المطالبة به إلا بعد تمام الأجل. ووجه قول إسحاق - في قليل الأمد يكون صاحبه به موليا إذا لم يطأ - القياس على من حلف على أكثر من أربعة أشهر فإنه يكون موليا، لأنه قصد الإضرار باليمين، وهذا المعنى موجود في المدة القصيرة.

واختلفوا أن من حلف ألا يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر فانقضت الأربعة الأشهر ولم تطالبه امرأته ولا رفعته إلى السلطان ليوقفه، لم يلزمه شيء عند مالك وأصحابه وأكثر أهل المدينة. ومن علمائنا من يقول: يلزمه بانقضاء الأربعة الأشهر طلقة رجعية. ومنهم ومن غيرهم من يقول: يلزمه طلقة بائنة بانقضاء الأربعة الأشهر. والصحيح ما ذهب إليه مالك وأصحابه، وذلك أن المولي لا يلزمه طلاق حتى يوقفه السلطان بمطالبة زوجته له ليفيء فيراجع امرأته بالوطء ويكفر يمينه أو يطلق، ولا يتركه حتى يفيء أو يطلق. والفيء: الجماع فيمن يمكن مجامعتها. قال سليمان بن يسار: كان تسعة رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوقفون في الإيلاء، قال مالك: وذلك الأمر عندنا، وبه قال الليث والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، واختاره ابن المنذر.

وأجل المولي من يوم حلف لا من يوم تخاصمه امرأته وترفعه إلى الحاكم، فإن خاصمته ولم ترض بامتناعه من الوطء ضرب له السلطان أجل أربعة أشهر من يوم حلف، فإن وطئ فقد فاء إلى حق الزوجة وكفر عن يمينه، وإن لم يفيء طلق عليه طلقة رجعية. قال مالك: فإن راجع لا تصح رجعته حتى يطأ في العدة. قال الأبهري: وذلك أن الطلاق إنما وقع لدفع الضرر، فمتى لم يطأ فالضرر باق، فلا معنى للرجعة إلا أن يكون له عذر يمنعه من الوطء فتصح رجعته، لأن الضرر قد زال، وامتناعه من الوطء ليس من أجل الضرر وإنما هو من أجل العذر.

واختلف العلماء في الإيلاء في غير حال الغضب، فقال ابن عباس: ( لا إيلاء إلا بغضب ) ، وروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المشهور عنه، وقاله الليث والشعبي والحسن وعطاء، كلهم يقولون: ( الإيلاء لا يكون إلا على وجه مغاضبة ومشادة وحرجة ومناكدة ألا يجامعها في فرجها إضرارا بها، وسواء كان في ضمن ذلك إصلاح ولد أم لم يكن، فإن لم يكن عن غضب فليس بإيلاء ) . وقال ابن سيرين: سواء كانت اليمين في غضب أو غير غضب هو إيلاء، وقاله ابن مسعود والثوري ومالك وأهل العراق والشافعي وأصحابه وأحمد، إلا أن مالكا قال: ما لم يرد إصلاح ولد. قال ابن المنذر: وهذا أصح، لأنهم لما أجمعوا أن الظهار والطلاق وسائر الأيمان سواء في حال الغضب والرضا كان الإيلاء كذلك.
قلت: ويدل عليه عموم القرآن، وتخصيص حالة الغضب يحتاج إلى دليل ولا يؤخذ من وجه يلزم. والله أعلم.
قال علماؤنا: ومن امتنع من وطء امرأته بغير يمين حلفها إضرارا بها أمر بوطئها، فإن أبى وأقام على امتناعه مضرا بها فرق بينه وبينها من غير ضرب أجل. وقد قيل: يضرب أجل الإيلاء. وقد قيل: لا يدخل على الرجل الإيلاء في هجرته من زوجته وإن أقام سنين لا يغشاها، ولكنه يوعظ ويؤمر بتقوى الله تعالى في ألا يمسكها ضرارا.
واختلفوا فيمن حلف ألا يطأ امرأته حتى تفطم ولدها لئلا يمغل ولدها، ولم يرد إضرارا بها حتى ينقضي أمد الرضاع لم يكن لزوجته عند مالك مطالبة لقصد إصلاح الولد. قال مالك: وقد بلغني أن علي بن أبي طالب سئل عن ذلك فلم يره إيلاء، وبه قال الشافعي في أحد قوليه، والقول الآخر يكون موليا، ولا اعتبار برضاع الولد، وبه قال أبو حنيفة.
وذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والأوزاعي وأحمد بن حنبل إلى أنه لا يكون موليا من حلف ألا يطأ زوجته في هذا البيت أو في هذه الدار لأنه يجد السبيل إلى وطئها في غير ذلك المكان. قال ابن أبي ليلى وإسحاق: إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء، ألا ترى أنه يوقف عند الأشهر الأربعة، فإن حلف ألا يطأها في مصره أو بلده فهو مول عند مالك، وهذا إنما يكون في سفر يتكلف المؤونة والكلفة دون جنته أو مزرعته القريبة.

قوله تعالى: « من نسائهم » يدخل فيه الحرائر والذميات والإماء إذا تزوجن. والعبد يلزمه الإيلاء من زوجته. قال الشافعي وأحمد وأبو ثور: إيلاؤه مثل إيلاء الحر، وحجتهم ظاهر
قوله تعالى: « للذين يؤلون من نسائهم » فكان ذلك لجميع الأزواج. قال ابن المنذر: وبه أقول. وقال مالك والزهري وعطاء بن أبي رباح وإسحاق: أجله شهران. وقال الحسن والنخعي: إيلاؤه من زوجته الأمة شهران، ومن الحرة أربعة أشهر، وبه قال أبو حنيفة. وقال الشعبي: إيلاء الأمة نصف إيلاء الحرة.
قال مالك وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي والنخعي وغيرهم: المدخول بها وغير المدخول بها سواء في لزوم الإيلاء فيهما. وقال الزهري وعطاء والثوري: لا إيلاء إلا بعد الدخول. وقال مالك: ولا إيلاء من صغيرة لم تبلغ، فإن آلى منها فبلغت لزم الإيلاء من يوم بلوغها.
وأما الذمي فلا يصح إيلاؤه، كما لا يصح ظهاره ولا طلاقه، وذلك أن نكاح أهل الشرك ليس عندنا بنكاح صحيح، وإنما لهم شبهة يد، ولأنهم لا يكلفون الشرائع فتلزمهم كفارات الأيمان، فلو ترافعوا إلينا في حكم الإيلاء لم ينبغ لحاكمنا أن يحكم بينهم، ويذهبون إلى حكامهم، فإن جرى ذلك مجرى التظالم بينهم حكم بحكم الإسلام، كما لو ترك المسلم وطء زوجته ضرارا من غير يمين.

قوله تعالى: « تربص أربعة أشهر » التربص: التأني والتأخر، مقلوب التصبر، قال الشاعر:
تربص بها ريب المنون لعلها تطلق يوما أو يموت حليلها
وأما فائدة توقيت الأربعة الأشهر فيما ذكر ابن عباس عن أهل الجاهلية كما تقدم، فمنع الله من ذلك وجعل للزوج مدة أربعة أشهر في تأديب المرأة بالهجر، لقوله تعالى: « واهجروهن في المضاجع » [ النساء: 34 ] وقد آلى النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه شهرا تأديبا لهن. وقد قيل: الأربعة الأشهر هي التي لا تستطيع ذات الزوج أن تصبر عنه أكثر منها، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف ليلة بالمدينة فسمع امرأة تنشد:
ألا طال هذا الليل وأسود جانبه وأرقني أن لا حبيب ألاعبه
فوالله لولا الله لا شيء غيره لزعزع من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يكفني وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
فلما كان من الغد استدعى عمر بتلك المرأة وقال لها: أين زوجك؟ فقالت: بعثت به إلى العراق! فاستدعى نساء فسألهن عن المرأة كم مقدار ما تصبر عن زوجها؟ فقلن: شهرين، ويقل صبرها في ثلاثة أشهر، وينفد صبرها في أربعة أشهر، فجعل عمر مدة غزو الرجل أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر استرد الغازين ووجه بقوم آخرين، وهذا والله أعلم يقوي اختصاص مدة الإيلاء بأربعة أشهر.

قوله تعالى: « فإن فاؤوا » معناه رجعوا، ومنه « حتى تفيء إلى أمر الله » [ الحجرات: 9 ] ومنه قيل للظل بعد الزوال: فيء، لأنه رجع من جانب المشرق إلى جانب المغرب، يقال: فاء يفيء فيئة وفيوءا. وإنه لسريع الفيئة، يعني الرجوع. قال:
ففاءت ولم تقض الذي أقبلت له ومن حاجة الإنسان ما ليس قاضيا

قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الفيء الجماع لمن لا عذر له، فإن كان له عذر مرض أو سجن أو شبه ذلك فإن ارتجاعه صحيح وهي امرأته، فإذا زال العذر بقدومه من سفره أو إفاقته من مرضه، أو انطلاقه من سجنه فأبى الوطء فرق بينهما إن كانت المدة قد انقضت، قاله مالك في المدونة والمبسوط. وقال عبدالملك: وتكون بائنا منه يوم انقضت المدة، فإن صدق عذره بالفيئة إذا أمكنته حكم بصدقه فيما مضى، فان أكذب ما ادعاه من الفيئة بالامتناع حين القدرة عليها، حمل أمره على الكذب فيها واللدد، وأمضيت الأحكام على ما كانت تجب في ذلك الوقت. وقالت طائفة: إذا شهدت بينة بفيئته في حال العذر أجزأه، قاله الحسن وعكرمة والنخعي: وبه قال الأوزاعي. وقال النخعي أيضا: يصح الفيء بالقول والإشهاد فقط، ويسقط حكم الإيلاء، أرأيت إن لم ينتشر للوطء، قال ابن عطية: ويرجع هذا القول إن لم يطأ إلى باب الضرر. وقال أحمد بن حنبل: إذا كان له عذر يفيء بقلبه، وبه قال أبو قلابة. وقال أبو حنيفة: إن لم يقدر على الجماع فيقول: قد فئت إليها. قال الكيا الطبري: أبو حنيفة يقول فيمن آلى وهو مريض وبينه وبينها مدة أربعة أشهر، وهي رتقاء أو صغيره أو هو مجبوب: إنه إذا فاء إليها بلسانه ومضت المدة والعذر قائم فذلك فيء صحيح، والشافعي يخالفه على أحد مذهبيه. وقالت طائفة: لا يكون الفيء إلا بالجماع في حال العذر وغيره، وكذلك قال سعيد بن جبير، قال: وكذلك إن كان في سفر أو سجن.

أوجب مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وجمهور العلماء الكفارة على المولي إذا فاء بجماع امرأته. وقال الحسن: لا كفارة عليه، وبه قال النخعي، قال النخعي: كانوا يقولون إذا فاء لا كفارة عليه. وقال إسحاق: قال بعض أهل التأويل في قوله تعالى: « فإن فاؤوا » يعني لليمين التي حنثوا فيها، وهو مذهب في الأيمان لبعض التابعين فيمن حلف على بر أو تقوى أو باب من الخير ألا يفعله فإنه يفعله ولا كفارة عليه، والحجة له قوله تعالى: « فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم » ، ولم يذكر كفارة، وأيضا فإن هذا يتركب على أن لغو اليمين ما حلف على معصية، وترك وطء الزوجة معصية.
قلت: وقد يستدل لهذا القول من السنة بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليتركها فإن تركها كفارتها ) خرجه ابن ماجة في سننه. وسيأتي لها مزيد بيان في آية الأيمان إن شاء الله تعالى. وحجة الجمهور قوله عليه السلام: ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ) .
إذا كفر عن يمينه سقط عنه الإيلاء، قاله علماؤنا. وفي ذلك دليل على تقديم الكفارة على الحنث في المذهب، وذلك إجماع في مسألة الإيلاء، ودليل على أبي حنيفة في مسألة الأيمان، إذ لا يرى جواز تقديم الكفارة على الحنث، قاله ابن العربي.
قلت: بهذه الآية استدل محمد بن الحسن على امتناع جواز الكفارة قبل الحنث فقال: لما حكم الله تعالى للمولي بأحد الحكمين من فيء أو عزيمة الطلاق، فلو جاز تقديم الكفارة على الحنث لبطل الإيلاء بغير فيء أو عزيمة الطلاق، لأنه إن حنث لا يلزمه بالحنث شيء، ومتى لم يلزم الحانث بالحنث شيء لم يكن موليا. وفي جواز تقديم الكفارة إسقاط حكم الإيلاء بغير ما ذكر الله، وذلك خلاف الكتاب.

قوله تعالى: « وإن عزموا الطلاق » العزيمة: تتميم العقد على الشيء، يقال: عزم عليه يعزم عزما ( بالضم ) وعزيمة وعزيما وعزمانا واعتزم اعتزاما، وعزمت عليك لتفعلن، أي أقسمت عليك. قال شمر: العزيمة والعزم ما عقدت عليه نفسك من أمر أنك فاعله. والطلاق من طلقت المرأة تطلق ( على وزن نصر ينصر ) طلاقا، فهي طالق وطالقة أيضا. قال الأعشى:
أيا جارتا بيني فإنك طالقة
ويجوز طلقت ( بضم اللام ) مثل عظم يعظم، وأنكره الأخفش. والطلاق حل عقدة النكاح، وأصله الانطلاق، والمطلقات المخليات، والطلاق: التخلية، يقال: نعجة طالق، وناقة طالق، أي مهملة قد تركت في المرعى لا قيد عليها ولا راعي، وبعير طلق ( بضم الطاء واللام ) غير مقيد، والجمع أطلاق، وحبس فلان في السجن طلقا أي بغير قيد، والطالق من الإبل: التي يتركها الراعي لنفسه لا يحتلبها على الماء، يقال: استطلق الراعي ناقة لنفسه. فسميت المرأة المخلى سبيلها بما سميت به النعجة أو الناقة المهمل أمرها. وقيل: إنه مأخوذ من طلق الفرس، وهو ذهابه شوطا لا يمنع، فسميت المرأة المخلاة طالقا لا تمنع من نفسها بعد أن كانت ممنوعة.

في قوله تعالى: « وإن عزموا الطلاق » دليل على أنها لا تطلق بمضي مدة أربعة أشهر، كما قال مالك: ما لم يقع إنشاء تطليق بعد المدة، وأيضا فإنه قال: « سميع » وسميع يقتضي مسموعا بعد المضي. وقال أبو حنيفة: « سمع » لإيلائه، « عليم » بعزمه الذي دل عليه مضي أربعة أشهر. وروى سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: سألت اثني عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يولي من امرأته، فكلهم يقول: ليس عليه شيء حتى تمضي أربعة أشهر فيوقف، فإن فاء وإلا طلق. قال القاضي ابن العربي: وتحقيق الأمر أن تقدير الآية عندنا: « للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا بعد انقضائها فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم » . وتقديرها عندهم: « للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا » فيها « فإن الله غفور رحيم. وإن عزموا الطلاق » بترك الفيئة فيها، يريد مدة التربص فيها « فإن الله سميع عليم » . ابن العربي: وهذا احتمال متساو، ولأجل تساويه توقفت الصحابة فيه.
قلت: وإذا تساوى الاحتمال كان قول الكوفيين أقوى قياسا على المعتدة بالشهور والأقراء، إذ كل ذلك أجل ضربه الله تعالى، فبانقضائه انقطعت العصمة وأبينت من غير خلاف، ولم يكن لزوجها سبيل عليها إلا بإذنها، فكذلك الإيلاء، حتى لو نسي الفيء وانقضت المدة لوقع الطلاق، والله أعلم.
وفي قوله تعالى: « وإن عزموا الطلاق » دليل على أن الأمة بملك اليمين لا يكون فيها إيلاء، إذ لا يقع عليها طلاق، والله أعلم.

الآية: 228 ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم )

قوله تعالى: « والمطلقات » لما ذكر الله تعالى الإيلاء وأن الطلاق قد يقع فيه بين تعالى حكم المرأة بعد التطليق. وفي كتاب أبي داود والنسائي عن ابن عباس قال في قول الله تعالى: « والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء » الآية، وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق بها، وإن طلقها ثلاثا ) ، فنسخ ذلك وقال: « الطلاق مرتان » الآية. والمطلقات لفظ عموم، والمراد به الخصوص في المدخول بهن، وخرجت المطلقة قبل البناء بآية « الأحزاب » : « فما لكم عليهن من عدة تعتدونها » [ الأحزاب: 49 ] على ما يأتي. وكذلك الحامل بقوله: « وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن » [ الطلاق: 4 ] . والمقصود من الأقراء الاستبراء، بخلاف عدة الوفاة التي هي عبادة. وجعل الله عدة الصغيرة التي لم تحض والكبيرة التي قد يئست الشهور على ما يأتي. وقال قوم: إن العموم في المطلقات يتناول هؤلاء ثم نسخن، وهو ضعيف، وإنما الآية فيمن تحيض خاصة، وهو عرف النساء وعليه معظمهن.

قوله تعالى: « يتربصن » التربص الانتظار، على ما قدمناه. وهذا خبر والمراد الأمر، كقوله تعالى: « والوالدات يرضعن أولادهن » [ البقرة: 233 ] وجمع رجل عليه ثيابه، وحسبك درهم، أي اكتف بدرهم، هذا قول أهل اللسان من غير خلاف بينهم فيما ذكر ابن الشجري. ابن العربي: وهذا باطل، وإنما هو خبر عن حكم الشرع، فإن وجدت مطلقة لا تتربص فليس من الشرع، ولا يلزم من ذلك وقوع خبر الله تعالى على خلاف مخبره. وقيل،: معناه ليتربصن، فحذف اللام.

قرأ جمهور الناس « قروء » على وزن فعول، اللام همزة. ويروى عن نافع « قرو » بكسر الواو وشدها من غير همز. وقرأ الحسن « قرء » بفتح القاف وسكون الراء والتنوين. وقروء جمع أقرؤ وأقراء، والواحد قرء بضم القاف، قال الأصمعي. وقال أبو زيد: « قرء » بفتح القاف، وكلاهما قال: أقرأت المرأة إذا حاضت، فهي مقرئ. وأقرأت طهرت. وقال الأخفش: أقرأت المرأة إذا صارت صاحبة حيض، فإذا حاضت قلت: قرأت، بلا ألف. يقال: أقرأت المرأة حيضة أو حيضتين. والقرء: انقطاع الحيض. وقال بعضهم: ما بين الحيضتين وأقرأت حاجتك: دنت، عن الجوهري. وقال أبو عمرو بن العلاء: من العرب من يسمي الحيض قرءا، ومنهم من يسمي الطهر قرءا، ومنهم من يجمعهما جميعا، فيسمي الطهر مع الحيض قرءا، ذكره النحاس.

واختلف العلماء في الأقراء، فقال أهل الكوفة: هي الحيض، وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وأبي موسى ومجاهد وقتادة والضحاك وعكرمة والسدي. وقال أهل الحجاز: هي الأطهار، وهو قول عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت والزهري وأبان بن عثمان والشافعي. فمن جعل القرء اسما للحيض سماه بذلك، لاجتماع الدم في الرحم، ومن جعله اسما للطهر فلاجتماعه في البدن، والذي يحقق لك هذا الأصل في القرء الوقت، يقال: هبت الريح لقرئها وقارئها أي لوقتها، قال الشاعر:
كرهت العقر عقر بني شليل إذا هبت لقارئها الرياح
فقيل للحيض: وقت، وللطهر وقت، لأنهما يرجعان لوقت معلوم، وقال الأعشى في الأطهار:
أفي كل عام أنت جاشم غزوة تسد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثة عزا وفي الحي رفعة لما ضاع فيها من قروء نسائكا
وقال آخر في الحيض:
يا رب ذي ضغن علي فارض له قروء كقروء الحائض
يعني أنه طعنه فكان له دم كدم الحائض. وقال قوم: هو مأخوذ من قرء الماء في الحوض. وهو جمعه، ومنه القرآن لاجتماع المعاني. ويقال لاجتماع حروفه، ويقال: ما قرأت الناقة سلى قط، أي لم تجمع في جوفها، وقال عمرو بن كلثوم:
ذراعي عيطل أدماء بكر هجان اللون لم تقرأ جنينا
فكأن الرحم يجمع الدم وقت الحيض، والجسم يجمعه وقت الطهر. قال أبو عمر بن عبدالبر: قول من قال: إن القرء مأخوذ من قولهم: قريت الماء في الحوض ليس بشيء، لأن القرء مهموز وهذا غير مهموز.
قلت: هذا صحيح بنقل أهل اللغة: الجوهري وغيره. واسم ذلك الماء قرى ( بكسر القاف مقصور ) . وقيل: القرء، الخروج إما من طهر إلى حيض أو من حيض إلى طهر، وعلى هذا قال الشافعي في قول: القرء الانتقال من الطهر إلى الحيض، ولا يرى الخروج من الحيض إلى الطهر قرءا. وكان يلزم بحكم الاشتقاق أن يكون قرءا، ويكون معنى قوله تعالى: « والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء » . أي ثلاثة أدوار أو ثلاثة انتقالات، والمطلقة متصفة بحالتين فقط، فتارة تنتقل من طهر إلى حيض، وتارة من حيض إلى طهر فيستقيم معنى الكلام، ودلالته على الطهر والحيض جميعا، فيصير الاسم مشتركا. ويقال: إذا ثبت أن القرء الانتقال فخروجها من طهر إلى حيض غير مراد بالآية أصلا، ولذلك لم يكن الطلاق في الحيض طلاقا سنيا مأمورا به، وهو الطلاق للعدة، فإن الطلاق للعدة ما كان في الطهر، وذلك يدل على كون القرء مأخوذا من الانتقال، فإذا كان الطلاق في الطهر سنيا فتقدير الكلام: فعدتهن ثلاثة انتقالات، فأولها الانتقال من الطهر الذي وقع فيه الطلاق، والذي هو الانتقال من حيض إلى طهر لم يجعل قرءا، لأن اللغة لا تدل عليه، ولكن عرفنا بدليل آخر، إن الله تعالى لم يرد الانتقال من حيض إلى طهر، فإذا خرج أحدهما عن أن يكون مرادا بقي الآخر وهو الانتقال من الطهر إلى الحيض مرادا، فعلى هذا عدتها ثلاثة انتقالات، أولها الطهر، وعلى هذا يمكن استيفاء ثلاثة أقراء كاملة إذا كان الطلاق في حالة الطهر، ولا يكون ذلك حملا على المجاز بوجه ما. قال الكيا الطبري: وهذا نظر دقيق في غاية الاتجاه لمذهب الشافعي، ويمكن أن نذكر في ذلك سرا لا يبعد فهمه من دقائق حكم الشريعة، وهو أن الانتقال من الطهر إلى الحيض إنما جعل قرءا لدلالته على براءة الرحم، فإن الحامل لا تحيض في الغالب فبحيضها علم براءة رحمها. والانتقال من حيض إلى طهر بخلافه، فان الحائض يجوز أن تحبل في أعقاب حيضها، وإذا تمادى أمد الحمل وقوي الولد انقطع دمها، ولذلك تمتدح العرب بحمل نسائهم في حالة الطهر، وقد مدحت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول الشاعر:
ومبرأ من كل غبَّر حيضة وفساد مرضعة وداء مغْيَل
يعني أن أمه لم تحمل به في بقية حيضها. فهذا ما للعلماء وأهل اللسان في تأويل القرء. وقالوا: قرأت المرأة إذا حاضت أو طهرت. وقرأت أيضا إذا حملت. واتفقوا على أن القرء الوقت، فإذا قلت: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة أوقات، صارت الآية مفسرة في العدد محتملة في المعدود، فوجب طلب البيان للمعدود من غيرها، فدليلنا قول الله تعالى: « فطلقوهن لعدتهن » [ الطلاق: 1 ] ولا خلاف أنه يؤمر بالطلاق وقت الطهر فيجب أن يكون هو المعتبر في العدة، فإنه قال: « فطلقوهن » يعني وقتا تعتد به، ثم قال تعالى: « وأحصوا العدة » . يريد ما تعتد به المطلقة وهو الطهر الذي تطلق فيه، وقال صلى الله عليه وسلم لعمر: ( مرة فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ) . أخرجه مسلم وغيره. وهو نص في أن زمن الطهر هو الذي يسمى عدة، وهو الذي تطلق فيه النساء. ولا خلاف أن من طلق في حال الحيض لم تعتد بذلك الحيض، ومن طلق في حال الطهر فإنها تعتد عند الجمهور بذلك الطهر، فكان ذلك أولى. قال أبو بكر بن عبدالرحمن: ما أدركنا أحدا من فقهائنا إلا يقول بقول عائشة في ( أن الأقراء هي الأطهار ) . فإذا طلق الرجل في طهر لم يطأ فيه اعتدت بما بقي منه ولو ساعة ولو لحظة، ثم استقبلت طهرا ثانيا بعد حيضة، ثم ثالثا بعد حيضة ثانية، فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة حلت للأزواج وخرجت من العدة. فإن طلق مطلق في طهر قد مس فيه لزمه الطلاق وقد أساء، واعتدت بما بقي من ذلك الطهر. وقال الزهري في امرأة طلقت في بعض طهرها: إنها تعتد بثلاثة أطهار سوى بقية ذلك الطهر. قال أبو عمر: لا أعلم أحدا ممن قال: الأقراء الأطهار يقول هذا غير ابن شهاب الزهري، فإنه قال: تلغي الطهر الذي طلقت فيه ثم تعتد بثلاثة أطهار، لأن الله عز وجل يقول « ثلاثة قروء » .
قلت: فعلى قوله لا تحل المطلقة حتى تدخل في الحيضة الرابعة، وقول ابن القاسم ومالك وجمهور أصحابه والشافعي وعلماء المدينة: إن المطلقة إذا رأت أول نقطة من الحيضة الثالثة خرجت من العصمة، وهو مذهب زيد بن ثابت وعائشة وابن عمر، وبه قال أحمد بن حنبل، وإليه ذهب داود بن علي وأصحابه. والحجة على الزهري أن النبي صلى أذن في طلاق الطاهر من غير جماع، ولم يقل أول الطهر ولا آخره. وقال أشهب: لا تنقطع العصمة والميراث حتى يتحقق أنه دم حيض، لئلا تكون دفعة دم من غير الحيض. احتج الكوفيون بقوله عليه السلام لفاطمة بنت أبي حبيش حين شكت إليه الدم: ( إنما ذلك عرق فانظري فإذا أتى قرؤك فلا تصلي وإذا مر القرء فتطهري ثم صلي من القرء إلى القرء ) . وقال تعالى: « واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر » [ الطلاق: 4 ] . فجعل المأيوس منه المحيض، فدل على أنه هو العدة، وجعل العوض منه هو الأشهر إذا كان معدوما. وقال عمر بحضرة الصحابة: ( عدة الأمة حيضتان، نصف عدة الحرة، ولو قدرت على أن أجعلها حيضة ونصفا لفعلت ) ، ولم ينكر عليه أحد. فدل على أنه إجماع منهم، وهو قول عشرة من الصحابة منهم الخلفاء الأربعة، وحسبك ما قالوا! وقوله تعالى: « والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء » يدل على ذلك، لأن المعنى يتربصن ثلاثة أقراء، يريد كوامل، هذا لا يمكن أن يكون إلا على قولنا بأن الأقراء الحيض، لأن من يقول: إنه الطهر يجوز أن تعتد بطهرين وبعض آخر، لأنه إذا طلق حال الطهر اعتدت عنده ببقية ذلك الطهر قرءا. وعندنا تستأنف من أول الحيض حتى يصدق الاسم، فإذا طلق الرجل المرأة في طهر لم يطأ فيه استقبلت حيضة ثم حيضة ثم حيضة، فإذا اغتسلت من الثالثة خرجت من العدة.
قلت: هذا يرده قوله تعالى: « سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام » [ الحاقة: 7 ] فأثبت الهاء في « ثمانية أيام » ، لأن اليوم مذكر وكذلك القرء، فدل على أنه المراد. ووافقنا أبو حنيفة على أنها إذا طلقت حائضا أنها لا تعتد بالحيضة التي طلقت فيها ولا بالطهر الذي بعدها، وإنما تعتد بالحيض الذي بعد الطهر. وعندنا تعتد بالطهر، على ما بيناه. وقد استجاز أهل اللغة أن يعبروا عن البعض باسم الجميع، كما قال تعالى: « الحج أشهر معلومات » [ البقرة: 197 ] والمراد به شهران وبعض الثالث، فكذلك قوله: « ثلاثة قروء » . والله أعلم. وقال بعض من يقول بالحيض: إذا طهرت من الثالثة انقضت العدة بعد الغسل وبطلت الرجعة، قال سعيد بن جبير وطاوس وابن شبرمة والأوزاعي. وقال شريك: إذا فرطت المرأة في الغسل عشرين سنة فلزوجها عليها الرجعة ما لم تغتسل. وروي عن إسحاق بن راهويه أنه قال: ( إذا طعنت المرأة في الحيضة الثالثة بانت وانقطعت رجعة الزوج. إلا أنها لا يحل لها أن تتزوج حتى تغتسل من حيضتها ) . وروى نحوه عن ابن عباس، وهو قول ضعيف بدليل قول الله تعالى: « فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن » [ البقرة:234 ] على ما يأتي. وأما ما ذكره الشافعي من أن نفس الانتقال من الطهر إلى الحيضة يسمى قرءا ففائدته تقصير العدة على المرأة، وذلك أنه إذا طلق المرأة في آخر ساعة من طهرها فدخلت في الحيضة عدته قرءا، وبنفس الانتقال من الطهر الثالث انقطعت العصمة وحلت. والله أعلم.

والجمهور من العلماء على أن عدة الأمة التي تحيض من طلاق زوجها حيضتان. وروي عن ابن سيرين أنه قال: ما أرى عدة الأمة إلا كعدة الحرة، إلا أن تكون مضت في ذلك سنة: فإن السنة أحق أن تتبع. وقال الأصم عبدالرحمن بن كيسان وداود بن علي وجماعة أهل الظاهر: إن الآيات في عدة الطلاق والوفاة بالأشهر والأقراء عامة في حق الأمة والحرة، فعدة الحرة والأمة سواء. واحتج الجمهور بقوله عليه السلام: ( طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان ) . رواه ابن جريج عن عطاء عن مظاهر بن أسلم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان ) فأضاف إليها الطلاق والعدة جميعا، إلا أن مظاهر بن أسلم انفرد بهذا الحديث وهو ضعيف. وروي عن ابن عمر: أيهما رق نقص طلاقه، وقالت به فرقة من العلماء.

قوله تعالى: « ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن » فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى « ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن » أي من الحيض، قاله عكرمة والزهري والنخعي. وقيل: الحمل، قاله عمر وابن عباس. وقال مجاهد: الحيض والحمل معا، وهذا على أن الحامل تحيض. والمعنى المقصود من الآية أنه لما دار أمر العدة على الحيض والأطهار ولا اطلاع إلا من جهة النساء جعل القول قولها إذا ادعت انقضاء العدة أو عدمها، وجعلهن مؤتمنات على ذلك، وهو مقتضى قوله تعالى: « ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن » . وقال سليمان بن يسار: ولم نؤمر أن نفتح النساء فننظر إلى فروجهن، ولكن وكل ذلك إليهن إذ كن مؤتمنات. ومعنى النهي عن الكتمان النهي عن الإضرار بالزوج وإذهاب حقه، فإذا قالت المطلقة: حضت، وهي لم تحض، ذهبت بحقه من الارتجاع، وإذا قالت: لم أحض، وهي قد حاضت، ألزمته من النفقة ما لم يلزمه فأضرت به، أو تقصد بكذبها في نفي الحيض ألا ترتجع حتى تنقضي العدة ويقطع الشرع حقه، وكذلك الحامل تكتم الحمل، لتقطع حقه من الارتجاع. قال قتادة: كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحقن الولد بالزوج الجديد، ففي ذلك نزلت الآية. وحكي أن رجلا من أشجع أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني طلقت امرأتي وهي حبلى، ولست آمن أن تتزوج فيصير ولدي لغيري فأنزل الله الآية، وردت امرأة الأشجعي عليه.
الثانية: قال ابن المنذر: وقال كل من حفظت عنه من أهل العلم: إذا قالت المرأة في عشرة أيام: قد حضت ثلاث حيض وانقضت عدتي إنها لا تصدق ولا يقبل ذلك منها، إلا أن تقول: قد أسقطت سقطا قد استبان خلقه. واختلفوا في المدة التي تصدق فيها المرأة، فقال مالك: إذا قالت انقضت عدتي في أمد تنقضي في مثله العدة قبل قولها، فإن أخبرت بانقضاء العدة في مدة تقع نادرا فقولان. قال في المدونة: إذا قالت حضت ثلاث حيض في شهر صدقت إذا صدقها النساء، وبه قال شريح، وقال له علي بن أبي طالب: قالون! أي أصبت وأحسنت. وقال في كتاب محمد: لا تصدق إلا في شهر ونصف. ونحوه قول أبي ثور، قال أبو ثور: أقل ما يكون ذلك في سبعة وأربعين يوما، وذلك أن أقل الطهر خمسة عشر يوما، وأقل الحيض يوم. وقال النعمان: لا تصدق في أقل من ستين يوما، وقال به الشافعي.

قوله تعالى: « إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر » هذا وعيد عظيم شديد لتأكيد تحريم الكتمان، وإيجاب لأداء الأمانة في الإخبار عن الرحم بحقيقة ما فيه. أي فسبيل المؤمنات ألا يكتمن الحق، وليس قوله: « إن كن يؤمن بالله » على أنه أبيح لمن لا يؤمن أن يكتم، لأن ذلك لا يحل لمن لا يؤمن، وإنما هو كقولك: إن كنت أخي فلا تظلمني، أي فينبغي أن يحجزك الإيمان عنه، لأن هذا ليس من فعل أهل الإيمان.

قوله تعالى: « وبعولتهن » البعولة جمع البعل، وهو الزوج، سمي بعلا لعلوه على الزوجة بما قد ملكه من زوجيتها، ومنه قوله تعالى: « أتدعون بعلا » [ الصافات: 125 ] أي ربا، لعلوه في الربوبية، يقال: بعل وبعولة، كما يقال في جمع الذكر: ذكر وذكورة، وفي جمع الفحل: فحل وفحولة، وهذه الهاء زائدة مؤكدة لتأنيث الجماعة، وهو شاذ لا يقاس عليه، ويعتبر فيها السماع، فلا يقال في لعب: لعوبة. وقيل: هي هاء تأنيث دخلت على فعول. والبعولة أيضا مصدر البعل. وبعل الرجل يبعل ( مثل منع يمنع ) بعولة، أي صار بعلا: والمباعلة والبعال: الجماع، ومنه قوله عليه السلام لأيام التشريق: ( إنها أيام أكل وشرب وبعال ) وقد تقدم. فالرجل بعل المرأة، والمرأة بعلته. وباعل مباعلة إذا باشرها. وفلان بعل هذا، أي مالكه وربه. وله محامل كثيرة تأتي إن شاء الله تعالى.

قوله تعالى: « أحق بردهن » أي بمراجعتهن، فالمراجعة على ضربين: مراجعة في العدة على حديث ابن عمر. ومراجعة بعد العدة على حديث معقل، وإذا كان هذا فيكون في الآية دليل على تخصيص ما شمله العموم في المسميات، لأن قوله تعالى: « والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء » عام في المطلقات ثلاثا، وفيما دونها لا خلاف فيه. ثم قوله: « وبعولتهن أحق » حكم خاص فيمن كان طلاقها دون الثلاث. وأجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة، وكانت مدخولا بها تطليقة أو تطليقتين، أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها وإن كرهت المرأة، فإن لم يراجعها المطلق حتى انقضت عدتها فهي أحق بنفسها وتصير أجنبية منه، لا تحل له إلا بخطبة ونكاح مستأنف بولي وإشهاد، ليس على سنة المراجعة، وهذا إجماع من العلماء. قال المهلب: وكل من راجع في العدة فإنه لا يلزمه شيء من أحكام النكاح غير الإشهاد على المراجعة فقط، وهذا إجماع من العلماء، لقوله تعالى: « فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم » [ الطلاق: 2 ] فذكر الإشهاد في الرجعة ولم يذكره في النكاح ولا في الطلاق. قال ابن المنذر: وفيما ذكرناه من كتاب الله مع إجماع أهل العلم كفاية عن ذكر ما روي عن الأوائل في هذا الباب، والله تعالى أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kamal.forummaroc.net
 
تفسير القرطبي سورة البقرة من 225 الي 230
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير القرطبي سورة البقرة من 77 الي 83
» تفسير القرطبي سورة البقرة من 164 الي 169
» تفسير القرطبي سورة البقرة من 249 الي 252
» تفسير القرطبي سورة البقرة من 84 الي 88
» تفسير القرطبي سورة البقرة من 170 الي 176

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى نور الحق :: تفسير القران الكريم-
انتقل الى: